Rabu, 15 Agustus 2012

رواية "الفضيلة" لمصطفى لطفى المنفلوطى

رواية "الفضيلة" لمصطفى لطفى المنفلوطى
( دراسة تحليلية داخلية)

مقدمة

‌أ.                  خلفية البحث
إن صدور العمل الأدبى وسط المجتمع متولد من خيال المؤلف و تأمله فى المظاهر الإجتماعية حوله. فلذلك كان وجود العمل الأدبى جزءا من حياة المجتمع إذ جرّب المؤلف بوصفه فاعلا فرديا أن يبلّغ نظرته الدنيوية إلى الفاعلين الجماعيين.
و أن الدلالة التى فصّلها الفاعل الفردى على الحقيقة الإجتماعية حوله, تدلّ على أن العمل الأدبى له عرق من ثقافة معيّنة و مجتمع معيّن. فمثل هذا الكون للأدب يدفعه إلى أن يوضع فى موضع التسجيل الإجتماعى الثقافى.[1]
كان المؤلف عضوا من أعضاء مجتمع الناس حيث يحيى و يتعامل مع غيره من الناس حوله. فليس من العجب إذا حدثت العلاقة بين المؤلف و المجتمع الذى سكن فيه. و يمكن لنا أن نستنبط الصفة العلاقية دائما بين العمل الأدبى وأعضاء  المجتمع الذى عاش فيهم المؤلف.


و صار قلقُ المجتمع قلقَ المؤلف أيضا. و كذلك الأرجاء و المكابدات و الأسفاط منهم صارت جزءا من نفسية كل مؤلف بينهم. و هذا هو الأمر الذى سبب إلى أن تكون صفات العصر و أموره مقروءة خلال أعماله الأدبية. فدراسة الأعمال الأدبية غير مقصورة على المؤهلين فى الأدب فقط, ولكن يدارسه أيضا المؤهلون فى العلم الإجتماعى و العلم التاريخى و غير ذلك.[2]
هناك كثير من النواحى التربوية التى يمكن أن نجدها خلال التعليم الأدبى كالتربية الأخلاقية و الدينية و الإجتماعية و الموقفية و الجمالية و اللغوية و ما عدا ذلك. إذن, كان الأدب شيئا مناسبا جدا عند الطلاب الذين يريدون أن يتعمقوا فى دراسة اللغة العربية و أدبها.
ولكن, مطابقا بحقيقة الأدب نفسه, هناك غرضان أساسيان لابد من تحقيقهما فى تعليم الأدب و هما : أن يحصل الفاعل التربوى على قدر الأدب حق قدره و على استحقاق العلوم الكافية فى الأدب. و يراد بمصطلح "قدر الأدب حق قدره" القدرة على أحساس الجمال الموجود فى العمل الأدبى و الإستمتاع به إما من الشعر أو النثر و المسرحية.[3]
إن الأدب فى حقيقته و جميع صوره تعبير خبرة المؤلف و خدمتها فى نفس الوقت. فبعمله الأدبى, يقصد المؤلف أن يجعل المجتمع القراء قادرين على إحساس ما عانه من الخبرات. فلذلك اتضح لنا أنه ليس هناك طريقة مناسبة للوصول إلى إحساس تعبير المؤلف إلا بطريقة الدخول إلى تعبير خبرة المؤلف أى بقول آخر بقراءة أعماله الأدبية.
لكل عمل أدبى عنصران يمكن لمن قرأه أو استمتع به أن يشعره, و هما الرأى الذى أراد المؤلف أن يلقيه إلى القراء و الطريقة التى استخدمها المؤلف لإلقاء ذلك الرأى. و الفرق الظاهرى الذى استخدمه المؤلف فى تعبير خبرته سوف يفرّق طريقة وصول لمس العمل الأدبى لدى شعور القراء. و بقول آخر إن طريقة لمس النثر سوف تختلف عن طريقة لمس الشعر و تختلف أيضا عن طريقة لمس المسرحية.[4]
إن الرواية نوع من الأعمال الأدبية الجذابة عند القراء. و لتحليل الرواية يمكن لنا فى الأساس أن نطبّق نوعين من الإقتراب. أولا, الإقتراب الخارجى الذى يشمل على النواحى الخارجية فى إعادة بناء المعنى من الرواية, كالناحية الإجتماعية و الثقافية للمؤلف التى تتعلق بالناحية البنيوية فى العمل الأدبى. ثانيا, الإقتراب الداخلى الذى يبحث عن الرواية بطريقة نظر العلاقة بين العناصر الموجودة فيها.[5]
إن تكوين الرواية موضوعا للبحث ليس شيئا جديدا. بالرغم من ذلك أنه يمكن لنا أن نقول إن الرواية محاولة على النحاور اللغوى لأن النص فيها يقوم بإعلام القصة باستخدام اللغة. ولكن البحث عن الرواية بوصفها عملا أدبيا كان أكثر من البحث عنها بوصفها أداة للإعلام. فالرواية عمل اختراعى يقدّم شيئا خياليا من الوقائع الدنيوية أو رمزا منها. و لكون ما يُقدَّم فى الرواية شيئا خياليا, قد يُطلَق عليها الإسم بذكر "العمل الخيالى" أو "العمل الإختراعى", و يراد منه العمل الذى يتضمن على الإختراع و التكوين فى الأساس. سمّى Barthes الأشخاص فى الأعمال الخيالية بالمخلوق على القرطاس. و إذا فحصنا الرواية من حيث بناء النص, وجدنا صفتها الأساسية هى صفة الحكاية, أى أنها تضمن كثيرا على عدّة من الأعمال أو العلاقة الوقتية, مهما وُجِد فيها النص البيانى و النص الجدلى أيضا. و العلاقة الوقتية توصّل بين الوقائع التى تكوّن القصة فى الرواية.[6] فلذلك, لابد من استخدام اقتراب النظرية الأدبية أو العلم الذى يبحث عن الصفات الموجودة فى النص الأدبى عند القيام بتحليل العمل الأدبى حتى تكون للنص وطيفة ضمن المجتمع. فوجود النظرية الأدبية سوف يسهّل فى مطالعة العمل الأدبى على صورة منظومة حتى يكون الإنتاج منها قابلا للمسؤولية فى المجال العلمى.
إن رواية "الفضيلة" قصة جاءت من الغرب (الفرنسى) ثم قام المنفلوطى بإعادة حكايتها فى أعماله الأدبية باللغة العربية تحت العنوان "الفضيلة". أما المنفلوطى فكان من أحد الأدباء العربية وُلِد بالمنفلوط, إحدى المحافظات بسيوط. قد تعلّم فى الأوهر الشريف عشر سنوات. و عندما تعلّم بمصر لقى بمحمد عبده لدراسة العلوم الدينية. ولكن المنفلوطى يوجّه اهتمامه أكثر إلى المجال الأدبى. و طول هذا الوقت درس المنفلوطى أنواعا من الأدب إما من النثر و الشعر و أعمال نقاد الأدب العربى القديم, كالأعمال الأدبية لبديع الزمان الحمدانى و الحمادى و الباقيلانى و غيرهم.[7] و المنفلوطى لا يسيطر على اللغة الأجنبية جيدا, ولكن ذلك لا يعوّقه للإشتراك فى أمر الترجمة. إن له استحواذ فى ترجمة الروايات و النصوص المسرحية من الغرب, مع أنه لم يسيطر جيدا على اللغة الفرنسية أو اللغات الغربية الأخرى. ولكن له حيلة فى مواجهة هذه العرقلة إذ طلب من أصدقائه أن يترجموا بعض الأعمال الأدبية الغربية إلى اللغة العربية, ثم نقل أعمالهم الترجمية حريا إلى أسلوب العربية البديعة حتى يظهر لنا كأنه يؤلف عملا أدبيا جديدا.[8] و من أمثال ما نقله المنفلوطى من الأعمال الأدبية المترجمة هو نقل رواية Paul and Virgine de San Piere إلى رواية "الفضيلة". قصت هذه الرواية عن أرملتين أوربيتين وقعتا فى واد غير ذى زرع عند جزيرة صغيرة فى الجانب الشرقى من قارّة أفريقيا. لابد لهما من أن تكسبا العيش بأيديهما الضعيفة لمكافأة نفسيهما و ابنيهما Paul و Virgine. إن مسكنة الحياة و بسطتها و شقاوتها قد صلّدت نفوس بنى آدم إلى أن تكون نفوسا خالصة, كالعود الذى لم يحدث عليه النقش. فلم يكن لديهم معلّم إلا الحياة, و لم يقدر على القراءة إلا قراءة البيئة و الطبيعة, بل لم يعرف الدعاء إلا فى اللعب و العمل.
ولكن الحياة لا تدلّع الشعور على الدوام. أُرسِلت Virgine إلى مسقط رأسها لتستعدّ فى مقابلة الحياة الحسنى. ولكنها لا تلقى اللطف فى تلك بلدة المهذّبين, و إنما تواجه الفساد و الطموح و الحيلة. فهربت تعود إلى وادها اليابس. ولكن الأمر قُضِى عليها إذ انغرقت السفينة التى ركبتها بسبب مصادفة العاصفة. و شعر Paul بأن حياته لا تعنى شيئا بعد وفاة Virgine, فرحل يذهب وراء حبيبته إلى الآخرة الخالدة.[9]
و ليس الشىء الأجذب فى القصة مسيرة الحبكة أو الوقائع المحزنة, ولكن الأجذب هو مهارة المؤلف فى تصوير أخلاق سكان البلدة المذكورة بتعبير معجب حتى تتغيّر الطبيعة الجامدة إلى التمثال الحى المقدّس الخالد.
و من أغراض الأديب فى كتابة عمله الأدبى هو لإلقاء نمط من أنماط الحياة المثلى التى عرضها خلال الأشخاص فى القصة. فبعمله الأدبى, قدّم المؤلف الوصية الأخلاقية التى تتعلق بالصفات الإنسانية الشريفة و الكفاح فى حقوق الناس و قيمهم النفسية. و كانت الصفات عالمية فى الحقيقة بمعنى أنها مُعتقَدة عند جميع الناس. و يُرجى من القراء أن يستطيعوا أن يستوعبوا هذه الصفات و يطبقوها فى الحياة الحقيقية.[10]
إن الأخلاق فى العمل الأديى أو الحكمة التى أراد أن يلقيها المؤلف تكون فى شكل تعريف حسن دائما لأن أول كل عمل أدبى يكون فى شكل حسن.[11] و إذا عُرضت فى القصة مواقف أو أعمال سيئة من الأشخاص, حيث يلعبون دورهم إما كبطل الرواية أو مخاصمهما, لا يعنى أن الأديب أو المؤلف يشجّعنا فى أن نتخلّق بأخلاق غير جيّدة. ولكن يُرجى من القراء أن يستنبطوا حكمة من القصة بأنفسهم. فالشىء الحسن سوف سكون أوضح متى قارناه بالشىء السيىء.[12]
إن الوصية الأخلاقية صورة من الصور الدينية الظاهرة فى العمل الأدبى, و كانت مضمونة منه فى سياق العمل الأدبى. إنها شىء أراد أن يلقيه الأديب إلى القراء حيث يكون نصيحة مباشرة تُهدَف إليهم. و الوصية الأخلاقية, كالموضوع, لا يمكن أن يصل إليه الفرد إلا بطريقة تأويل القصة. فكانت دلالةً تطبيقية عن مختلف الأحوال التى تتعلق بأمر الحياة كالموقف و الأعمال و الأدب فى المعاملة. و الأديب يلقى الوصية خلال ظهور الأشخاص من القصة.[13]
إن رواية "الفضيلة" لا يمكن أن يفهمها المجتمع فهما جيدا أو يستمتعون بها استمتاعا يسيرا إلا بدقة المراقبة. و هذا الحال يتطلب من الباحثين أن يستكشفوا المعانى التى قصد إليها المؤلف حتى يمكن للقراء على الوجه العموم أن يستفيدوا من تلك الأبحاث.
فلذلك لن يخلو الأدب عن بنائه الذى يتكوّن من العناصر المكوّنة, حتى يمكن للقراء أن يستمتعوا بالعمل الأدبى بسبب وحدة عناصره.
و من المسألة التى سبق بيانه, اتضح لنا أن فى الرواية المبحوث فيها عناصر تحتاج إلى البحث عنها كالموضوع و حقيقة القصة و وسائل القصة. و هذا هو الذى قد دفعنى إلى أن أختار رواية "الفضيلة" موضوعا لبحثى.
إن هذا البحث محاولة على تحليل العمل الأدبى باستخدام الإقتراب البنيوى. فالبنيوية هى طريقة التفكير عن العالم و تتعلق فى شكلها الرئيسى بالإعتبار و التصوير عن العناصر الداخلية. و فى البنيوية يلعب مفهوم الوظيفة دورا هامّا, بمعنى أن العناصر بوصفها علامة خاصة لهذه النظرية لم تقدر على أن تلعب دورها فى شكل أجيَد إلا بوجود الوظيفة فى سبيل الدلالة على العلاقة بين النعاصر المشتركة. إذن, أن البناء لم يقتصر على العناصر و شموليتها, و أن العمل الأدبى لم يقتصر على استخدام فهم اللغة وسيلةً له و على جمع الصور من مضمونه. و للعناصر وظائف مختلفة حسب اختلاف سيطرتها المتعلقة بالنوع و الإتفاقية و التراث من الأدب. و العناصر فى دورها تستحق الطاقة للقيام بإعادة التنظيم و ترتيب النفس, و بتكوين العلاقة بين العناصر و حفظها.[14]
 
‌ب.            تحديد المسألة و صياغتها
إن تحديد المسألة و صياغتها خطوة مهمّة فى كل بحث. و فى هذا البحث أحدّد المسألة فى تحليل العناصر الداخلية من رواية "الفضيلة" بطريقة تطبيق النظرية البنيوية لـ Robert Stanton. و لكيلا يتوسّع البحث أو يطول, و كذلك لكى أحصل على الهدف الذى أقصده, أصيّغ المسألة التى تتطلب منها الإجابة إلى جملة النبإ و هى تحليل العناصر الداخلية من رواية "الفضيلة" و وحدتها فى تكوين المعنى الشمولى.

‌ج.             أغراض البحث و فوائده
إن الغرض من جميع الأبحاث, منها البحث الأدبى, هو للوصول إلى الإجابة أو الحل من مسألة مقدّمة خلال الإجراء العلمى. و البحث ذو معنى هو البحث الذى له فوائد و منافع ظاهرة إما لتطوّر العلوم و إما للتطبيق ضمن المجتمع. و رواية "الفضيلة" تحتوى على المسألة التى ستُحَلّ خلال الإجراء العلمى أيضا. و هناك غرضان من هذا البحث, الغرض النظرى و الغرض التطبيقى.
فالغرض النظرى هو هدف البحث إلى تطبيق المفاهيم من النظرية البنيوية مؤسسا على أساس الترابط بين العناصر التى تكوّن بناء رواية "الفضيلة". و الغرض التطبيقى هو هدف البحث إلى إسهام الفهم و العلم للعمل الأدبى بطريقة تطبيق النظرية البنيوية, فيُرجى منه أن يكون مرجعا لمطالعة الأعمال الأدبية الأخرى.

‌د.                طريقة البحث
إن هذا البحث بحث مكتبى (library research), أقوم فيه بدراسة مصدرين من القضايا و هما المصدر الأساسى و المصادر الثانوية من الموادّ المكتبية كالكتب و المقالات و غيرها. و الطريقة التى ستُطبَق على هذا البحث هى الطريقة الهدفية التى تتركّز فى نفس العمل الأدبى بتحليل العناصر الداخلية و تطبيق المفاهيم من النظرية البنيوية مؤسا على أساس الترابط بين العناصر التى تكوّن بناء رواية "الفضيلة".
و فى أمر تحليل القضايا, أبدأ بجمع أنواع القضايا الموجودة و أحاول أن أفهمها و أدرس فيها باستخدام الطريقة المذكورة, استنتاجيةً كانت أو استقرائية, حتى أحصل على الإستنباط الصحيح الذى تصلح مسؤوليته.
‌ه.                الإطار النظرى
يشمل العمل الأدبى على أنواع النواحى من حياة الناس المعقَّدة. فلذلك لا يمكن للعمل الأدبى أن يكون مفهوما بفهم جيد شامل عند جميع القراء. و فى سبيل تسهيل فهم العمل الأدبى, نحتاج إلى تقديره خلال البحث. و مضمون العمل الأدبى هو هو الفهم الشامل على القصة. و لا يمكن ردّ حضور العمل الأدبى وسط حضارة الناس, بل قد صار حضوره مقبولا بوصفه إحدى الحقائق الإجتماعية الثقافية. و إلى يومنا الحاضر, لا يقتصر العمل الأدبى على أن يُقدَّر فى قيمته كالعمل الفنى الذى يستحق الأدب و الخيال و العاطفة فحسب, ولكن يُعتبَر أيضا بأنه عمل اختراعى يُستفاد منه بوصفه استهلاكا علميا بجانب كونه استهلاكا عاطفيا.[15]
إن العمل الأدبى بناء معقَّد لابد من تحليل عناصره تحليلا عميقا فى سبيل فهمه. و التحليل البنيوى هو فصل فى البحث الأدبى يصعب التخلّص عنه لأنه يمكّننا فى أن نصل إلى الغاية القصوى من الفهم. فلذلك صار التحليل البنيوى على العمل الأدبى وظيفة رئيسية عند الباحثين عن الأدب من كل ناحية, لأن العمل الأدبى يمتلك وحدة المعانى الداخلية التى لا يمكن استخراجها إلا من نفس النص فقط.[16]
و الإقتراب البنيوى يسمّى أيضا بالإقتراب الهدفى أو الإقتراب الرسمى أو الإقتراب التحليلى. و ينطلق الإقتراب المذكور من الظن الأساسى أن العمل الأدبى بوصفه عملا اختراعيا يستحق استقلالا تاما لابد أن يُرى كشىء يقوم بنفسه خال عن الأشياء الأخرى الموجودة خارج نفسه. و متى يقصد الفرد إلى دراسته أو البحث عنه فالمبحوث أو المدروس منه هو النواحى التى تكوّن العمل الأدبى كالموضوع و الحبكة و خلفية التشخيص و وجهة النظر و أسلوب اللغة و العلاقة التآلفية بين النواحى التى تقدر أن تجعله عملا أدبيا. و أما الأمور الخارجية كالمؤلف و القراء و البيئة الإجتماعية الثقافية فلابد من تركها لأنها لا تتعلق مباشرة ببناء العمل الأدبى المذكور.[17]
و العناصر الداخلية هى العناصر التى تكوّن العمل الأدبى. و هذه العناصر هى التى تجعل العمل الأدبى يحضر فى شكل العمل الأدبى و كذلك تبدو حقيقيا عندما قرأ فرد العمل الأدبى. و العناصر الداخلية من الرواية هى التى تكوّن القصة فيها. و اعلم أن الوحدة بين أنواع العناصر الداخلية هى التى تجعل الرواية موجودة فى صورتها الحقيقية, أو بالعكس – إذا نظرناها من وجهة القراء – وجدنا العناصر الداخلية تبدو ظاهرة عند قراءة الرواية. و يراد بالعناصر الداخلية هى الحبكة و الخلفية و الشخص و التشخيص و الموضوع و غيرها.[18]
و سوف أستخدم طريقة القراءة المجاورة (close reading) فى تنفيذ تحليل العناصر, و هى طريقة قراءة النص منطلقةً من الرأى أن كل جزء من النص يحلّ محله فى شمولية البناء المترابط. و فى الأساس, كانت الطريقة المستخدمة تؤكّد فى العمل الأدبى نفسه بوصفه وحدة الأبنية المتعلقة المترابطة, تخلو عن العناصر خارج نفسه. ففى هذه الناحية لا يمكن لنا أن نقول إن عملا أدبيا قد استحق معنى إلا بعد توحّد كل واحد من عناصرها المكوّنة (العناصر الداخلية) التى تُعكَس على بنائه كالموضوع و السلوك و الحبكة و الخلفية و اللغة توحّدا كاملا.[19]
ميّز Stanton العناصر المكوّنة من الرواية إلى ثلاثة أقسام و هى الحقيقة و الموضوع و وسيلة التلفّظ (الأدب). و الحقيقة فى القصة تحتوى على السلوك (أشخاص القصة) و الحبكة و الخلفية. إن هذه الأشياء الثلاثة تكون عناصر العمل الخيالى التى يمكن التصوّر بها حقيقيا فى أمر الوقائع و الوجود من الرواية. فلذلك يمكن تسمية هؤلاء الثلاثة بالبناء الحقيقى أو الدرجة الحقيقية من القصة. و الموضوع هو أساس القصة الذى يتعلّق دائما بمختلف الخبرات فى الحياة كالحب و الود و الشوق و الخوف و الحياء و ما أشبه ذلك. و فى حالة معيّنة قد يصير الموضوع مترادفا بالرأى الأساسى أو الهدف الأساسى من القصة. و أما وسيلة الأدب فهى التقنية التى استخدمها المؤلف لاختيار المفصلات من القصة و ترتيبها إلى أن تكون نمطا ذا معنى. و تُظَنّ أن هذه العناصر الثلاثة توجد دائما فى أى عمل خيالىّ.[20]


‌و.               التحقيق المكتبى
إن الغرض من التحقيق المكتبى هو معرفة الدراسات السابقة المطبّقة على موضوع واحد, و هى التى  تتعلق بالبحث عن رواية "الفضيلة" لمصطفى لطفى المنفلوطى. و قصارى القول, يُقصد منه معرفة الفرق و الإمتياز بينها و بين البحث الذى سأقوم به. و إلى هذا المدى من الفحص أجد بحثا واحدا يدرس فى نفس الموضوع مع البحث الذى سأكتبه, و هو البحث الذى كتبته Afkarotun تحت العنوان الفضيلة لمصطفى لطفى المنفلوطى باستخدام الدراسة السيمائية للحصول على الدرجة العالمية الأولى فى علم اللغة العربية و أدبها بكلية الآداب جامعة سونن كاليجاكا الإسلامية الحكومية سنة 1994. و فى الإستنباط من بحثها وجدتُ أن الكاتبة قدّرت أو حلّلت الأدب باستخدام الأساس السيمائى و حصلت على كثير من العلاقات, منها :
أ‌.              العلاقة بين قواعد اللغة و النظرية الأدبية.
ب‌.       العلاقة بين بناء اللغة و موقع الإسم المفرد الذى يخالف عنه.
‌ز.               نظام البحث
و للحصول على البحث الموحَّد المنظوم, أقسّم هذا البحث إلى أربعة أبواب و عدد معيّن من فروع الباب. و أما نظام البحث فهو كما يلى :
الباب الأول   : مقدمة, يحتوى على خلفية البحث و تحديد المسألة و صياغتها و أغراض البحث و فوائده و طريقة البحث و الإطار النظرى و التحقيق المكتبى و نظام البحث و بنية البحث.
الباب الثانى   : لمحة سريعة عن رواية "الفضيلة" لمصطفى لطفى المنفلوطى.
الباب الثالث : البحث و التحليل عن العناصر الموجودة فى الرواية المذكورة, كالبحث عن الموضوع و حقيقة القصة و وسائل القصة و العلاقة بين العناصر فيها.
الباب الرابع   : يحتوى على الإستنباط من البيان و التحليل عن رواية "الفضيلة" لمصطفى لطفى المنفلوطى, و يليه سوف أقدّم الإقتراحات من ذلك الإستنباط.


[1] Drs. Iswanto. Penelitian Sastra Dalam Perspektif Strukturalisme Genetic. Dalam Teori Penelitian Sastra (Yogyakarta: IKIP Muhammadiyah Yogyakarta, 1994), ص. 79.
[2] Yakob Sumardzo. Masyarakat dan Sastra Indonesia. (Penerbit Nur Cahaya Yogyakarta. 1982), ص. 15.
[3] Jabrohim. Pengajaran Sastra, (Penerbit: Pustaka Pelajar 1994), ص. 70.
[4] نفس المصدر, ص. 73.
[5] Uki Sukiman dalam Adabiyat Jurnal Bahasa dan Sastra Arab, (Penerbit: Jurusan Bahasa dan Sastra Arab Fakultas Adab UIN Sunan Kalijaga Yogyakarta, 2003), ص. 113.
[6] Benny Hoed, Kata Dalam Novel Fungsi dan Penerjemahannya, Sebuah Kajian Tentang Penerjemahan Perancis Indonesia (Dicetak Gadjah Mada University 1992), ص. 6.
[7] Bachrum Bunyamin dalam Jurnal Bahasa dan Sastra Arab Fakultas Adab UIN Sunan Kalijaga Yogyakarta 2003 , ص. 133-134.
[8] نفس المصدر.
[9] . مصطفى لطفى المنفلوطى, رواية "الفضيلة", المكتبة العلمية الجديدة, بيروت, ص
[10] Nurgiantoro, 1998: 321. http://id.wikkipodia.org/wiki.sastra.com. Tgl 13-03-2006. Jam 13.30.
[11] Mangunwijaya, Y.B. Sastra dan Religiusitas, (Yogyakarta, Kanisius, 1994), ص. 16.
[12] Burhan Nurgiantoro, Teori pengkajian Fiksi (Yogyakarta, Gadjah Mada University Press 1998), ص. 322.
[13] Kenny dalam Nurgiantoro. 1998: 320-321. http://id.wikkipodia.org/wiki/sastra.com. Tgl 13-03-2006. Jam 13.30.
[14] Prof. Dr. Nyoman Kutha Ratna S.U, Teori, Metode dan Teknik Penelitian Sastra dari Strukturalisme hingga Post Strukturalisme, (Penerbit: Pustaka Pelajar 2004), ص. 26.
[15] Attar Semi, Metode Penelitian Sastra, (Bandung, Penerbit Angkasa 1993), ص. 1.
[16] Teeuw, Membaca dan Menilai Sastra (Penerbit: Jakarta Gramedia Pustaka Utama, 1991), ص. 61.
[17] Attar Semi. Metode Penelitian Sastra, ص. 57.
[18]  Burhan Nurgiantoro, Pengkajian Fiksiص. 23.
[19] Zaenuddin Fananie, Telaah Sastra, Muhammadiyah University Press, Universitas Muhammadiyah Surakarta. 2002, ص. 20.
[20] Stanton dalam Burhan Nurgiantoro, Pengkajian Fiksi ص. 20.

0 komentar:

Posting Komentar

 
;